التحقيقات
استهداف منطقة الرقاص السكنية في صنعاء
٨ تموز ٢٠١٩أُنجز هذا التحقيق بالتعاون بين الأرشيف اليمني وبلينغ كات
اطبع المقال
- الموقع: منطقة الرقاص في صنعاء، اليمن
- الأهداف المزعومة: منطقة سكنية
- التاريخ: 16 مايو/أيار 2019
- التوقيت: ما بين 08:16 - 08:22 صباحًا بالتوقيت المحلي (وفقًا لمفطع فيديو)
- القتلى المُبلغ عنهم: 6 من بينهم 4 أطفال
- الجرحى المُبلغ عنهم: 33 مدنيًا
- الذخيرة المحدّدة: غير متوافرة
- المسؤول المحتمل: قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية
ماذا حدث ومتى؟
في 16 مايو 2019، نُشرت صور، مقاطع فيديو، وتقارير على منصات وسائل التواصل الاجتماعي حول غارة جوية شنّتها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية استهدفت منطقةً سكنيةً تدعى حيّ الرقاص في صنعاء، اليمن.
Mwatana for Human Rights verified 4 children killed and 33 civilians including 16 children were injured in the bloody attack carried out by #Saudi/#UAE-led coalition on a house in al-Raqas street this morning Thursday, May 16, 2019 #Sanaa #Yemen
— Mwatana for Human Rights (@MwatanaEn) May 16, 2019
ادّعت تقارير على الإنترنت أن الهجوم أسفر عن مقتل 6 أشخاص، من بينهم 4 أطفال، إضافة إلى إصابة 33 مدنياً، من بينهم 16 طفلًا.
في هذا التحقيق مفتوح المصدر سنتحقق من المواد المنشورة حول الحادث على وسائل التواصل الاجتماعي ونقيّمها لفهم التفاصيل المحيطة به بشكل أفضل.
اللحظات الأولى للهجوم
ظهرت اللحظات الأولى للهجوم في مقطع فيديو 1 نُشر على حساب Mohammed Alansi على يوتيوب.
في الدقيقة 0:06، يُظهر المقطع القذيفة أثناء سقوطها، كما هو موضّح أدناه:
يتضمن الفيديو الملتقط بكاميرا مراقبة ختمًا زمنيًا يشير إلى أن الهجوم كان بتاريخ (16-05-2019) في الساعة (08:16:36).
كما تظهر في المقطع لافتة كُتب عليها “صالة السمو الملكي”. يمكن العثور على موقع هذه الصالةعلى خرائط جوجل كما هو موضح أدناه :
باستخدام الموقع المعيّن أعلاه كمرجع, يمكن تحديد الموقع الجغرافي لمقطع الفيديو 1 كما هو موضّح أدناه:
كما يمكن ملاحظة تطابق التضاريس الظاهرة في الفيديو مع الموقع باستخدام جوجل إيرث برو:
علاوة على ذلك، يمكن قياس ظل المبنى الظاهر في الفيديو باستخدام أداة Shadow Calculator مما يؤكّد أن الهجوم كان في حوالي الساعة 08:16 بالتوقيت المحلي لمدينة صنعاء.
نُشر مقطع فيديو ثانٍ، التُقط أيضًا بواسطة كاميرا مراقبة، على صفحة المستخدم abduljleel على فيسبوك. . يُظهر المقطع اللحظات الأولى للهجوم إضافة إلى التاريخ والختم الزمني التاليين: 16-05-2019 في 08:22:21.
كما تظهر اللحظات الأولى للهجوم في مقطع الفيديو 3 المنشور على صفحة المستخدم Faisal Al Jabri على فيسبوك. يمكن سماع صوت طائرة في خلفية الفيديو في الدقيقة 0:10.
في مقطع الفيديو؛ يذكر شخصٌ أن الطائرة تحلق فوق الموقع المُستهدف. ويقول أنّ الهجوم يبعد مسافة كيلومتر واحد عن مكانه.
يُدعى المسجد الظاهر في مقطع الفيديو جامع بلال، حيث أمكن تحديد موقعه الجغرافيّ باستخدام جوجل ايرث برو.
يدلّ ظل قبة المسجد على وقت الهجوم الموضّح في الفيديو (08:17 بالتوقيت المحلي لمدينة صنعاء)، وهو توقيت قريب جدًا من الختم الزمنيّ الظاهر في مقطع فيديو 1 المُلتقط من كاميرا المراقبة.
نُشر مقطع الفيديو 4 على قناة UNITED YEMEN على يوتيوب، ويُظهر اللحظات الأولى من الهجوم. يمكن سماع صوت طائرة في الدقيقة 0:07. أدناه تحديد الموقع الجغرافي للفيديو باستخدام جوجل إيرث برو.
يمكن التحقق من التاريخ الدقيق لتحميل الفيديو (16-05-2019) باستخدام أداة YouTube DataViewer.
حُمّل الفيديو في الساعة 09:51 صباحًا بالتوقيت المحلي لمدينة صنعاء. تم تحويل التوقيت العالمي UTC الظاهر في مستعرض البيانات إلى التوقيت المحلي في صنعاء.
عقب الهجوم
أضرار خارجية لحقت بمبنى ومدرسة
نشرت القناة الرسمية لتلفزيون بلقيس على يوتيوب مقطع فيديو 5 يُظهر موقع التأثير بعد الهجوم، إضافة إلى عمليات الإنقاذ. يمكن مشاهدة سيارات إسعاف تابعة لمستشفى جامعة الكويت في المقطع.
كما يُظهر مقطع الفيديو مدخل مستشفى المنار الذي استقبل المصابين نتيجة الانفجار.
يُظهر مقطع الفيديو 6، المنشور من قِبل قناة المسيرة الرسمية على يوتيوب، الأضرار الخارجية التي لحقت بالمبنى المقصوف، إضافة إلى تضرّر مدرسة معاذ بن جبل الواقعة أمام المبنى الذي تم قصفه.
كما يحتوي الفيديو مشاهد لعمليات إنقاذٍ ينفّذها أشخاص ينقبون الأنقاض بحثًا عن ضحايا الغارة الجوية.
يقول أحد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم في المقطع: “خرّجنا الابن والأب من تحت التراب. الابنة الصغيرة ماتت نتيجة لسقوط التراب والطوب فوقها، كما مات ثلاثة أطفال آخرين في الغرفة الثانية. لا زالنا حتى الآن نبحث عن فتاة عمرها 17 سنة وابنة ثانية. أحد سكان البناء ممن استأجروا غرفة فيه قُطعت أرجله ومات بين يديّ. كلهم من أسرة واحدة. “. يُظهر الفيديو أحد الأطفال القتلى الذين عُثر عليهم تحت الأنقاض يُنقل إلى سيارة الإسعاف.
شاركت مدرسة معاذ بن جبل على صفحة فيسبوك الرسمية الخاصة بهم منشورَين حول الغارة الجوية.
يحتوي المنشور الأول صورًا للأضرار التي لحقت بالمدرسة جرّاء الغارة الجويّة.
كما يتضمّن صورةً للوقفة الاحتجاجية التي نظمها موظّفو مكتب التربية بمديرية معين.
يتضمّن المنشور الثاني صورًا للأضرار التي لحقت بالمدرسة نتيجة للغارة الجوية. يذكر المنشور أيضًا أن إدارة المدرسة شرعت بإعدادها كمركزٍ امتحانيّ للطلاب بدءًا من تاريخ 15/06/2019.
موقع التأثير والأبنية المجاورة
إلى جانب الخسائر في صفوف المدنيين، لحقت أضرار بالغة بالمنطقة السكنية المستهدَفة والمباني المحيطة بها جرّاء الغارة الجوية. ظهرت آثار الغارة الجوية على منطقة الرقاص السكنية في كل من مقطع فيديو 11 نشرته قناة روسيا اليوم RT، ومقطع فيديو 12 نشرته فرانس 24، إضافة إلى ما نشرتهُ صفحة مدرسة معاذ بن جبل على فيسبوك من صور توضّح الدمار داخل المدرسة.
يظهر موقع التأثير عن قرب في كل من مقطع الفيديو 7 المنشور من قبل صفحة فيسبوك “صنعاء روحي”، إلى جانب مقطع الفيديو 9، حيث يوثّقان محاولات المدنيين البحث عن ضحايا عالقين تحت الأنقاض. كما يصوّر مقطع الفيديو ، المنشور من صفحة “صنعاء روحي” ذاتها، موقع التأثير من زاوية أمامية خارجيّة.
يصوّر مقطع الفيديو 8 المنشور على قناة “وليد الأصبحي” على يوتيوب موقع التأثير من الخلف، وتظهر فيه أضرار مشابهة لما شوهد في مقطع الفيديو 11.
تطابق هذه الصور والزوايا من مقاطع الفيديو 8 و 11 المشاهد الواردة في مقطع الفيديو 10، والذي يُظهر زاوية مماثلة لموقع التأثير والرُكام.
إضافة إلى ذلك، نشر المركز الإعلامي لأنصار الله التابع لجماعة الحوثي مقطع فيديو يظهر الدمار الناجم عن الغارة الجوية إلى جانب مقابلاتٍ مع شهود.
أين وقع الهجوم
نظرًا لوجود العديد من المعالم البارزة في محيط المنطقة السكنيّة، أمكن تحديد موقع الغارة الجوية على مبنى صغير في منطقة الرقاص غرب صنعاء. يقع المبنى على الجانب الآخر من مدرسة معاذ بن جبل، التي يمكن رؤيتها في خلفية اللقطات الموثّقة لآثار الهجوم، على مقربة من السوق العام في المنطقة ومبانٍ سكنيّةٍ أخرى.
(المصدر)
(المصدر)
(المصدر)
إضافة إلى ذلك، ظهر زقاقٌ في عدد من مقاطع الفيديو كنقطة لإخلاء جرحى الهجوم، وأمكن تحديد موقعه شرق المبنى المقصوف في أحد الشوارع المجاورة.
(المصدر)
(المصدر)
داخل الزقاق. (المصدر)
قبل الهجوم وبعده
أدناه، صورة أقمار اصطناعية التقطها جوجل إيرث برو وتعرض موقع التأثير قبل الغارة الجوية في 16 مايو 2019 وبعدها.
الذخائر
نُشرت بعض الصور عن بقايا الذخائر على فيسبوك، من بينها ما شاركته صفحة عبد الرزاق الجمل، وصفحة عبد الله يريم.
الضحايا والمصابين
نشرت وزارة الصحة اليمنيّة قائمة بأسماء القتلى والجرحى نتيجة للهجوم. حيث وردت أسماء 55 شخصًا يعانون من إصابات محدّدة، إضافة إلى 6 قتلى. يتطابق ذلك مع ما ورد في التقارير، مثل تقرير قناة روسيا اليوم, والذي أشار إلى وفاة عائلة من أربعة أطفال جرّاء الغارة.
تصريحات/ روايات
على الرغم من الجدل المُثار حول هذا الهجوم على المدنيين؛ فإنّ روايتين سائدتين صدرتا عن التحالف العربي وجماعة أنصار الله هيمنتا على الآراء المتعلّقة به. ركّز التحالف السعودي في ردوده على ما يتعلق بهذه الغارة الجوية، والغارات الجوية الأخرى التي شُنّت على العاصمة بتاريخ 16 مايو، على هجوم خط أنابيب نفط أرامكو. حيث استهدفت جماعة الحوثي محطتي معالجة نفط تابعة لأرامكو (أرامكو 8 و 9) واقعتين في المملكة العربية السعودية بواسطة طائرات من دون طيار ما أدى لكسر خطوط أنابيبها وفقًا لما ذكرته قناة العربية المموّلة سعوديًا.
نشرت الجزيرة تقريرًا يذكر تفاصيل الأضرار التي تسببت بها هجمات طائرات بدون طيار على محطات النفط، ويؤكّد على استهداف خط أنابيب أرامكو 8 و9 بشكل مباشر ودقيق من قبل الحوثيين. تمكن فريق الأرشيف اليمني من التحقق من الأضرار في خط أرامكو 8 عبر تحديد موقعه الجغرافيّ باستخدام صور أقمار صناعية من DigitalGlobe مُلتقطة بتاريخ 19-05-2019، حيث يظهر الضرر كما هو موضح أدناه:
الضرر في أرامكو 8 (صورة أقمار صناعية من DigitalGlobe )
أدناه، لقطتان من مقطع فيديو نشره حساب “البأس اليماني YamanWrath” الرسمي على تويتر، ويظهر فيه دخان ونار نتيجة لهجوم طائرات بدون طيار استهدف أرامكو 8.
(المصدر)
أصدرت القوات المسلحة اليمنيّة المناهضة لهادي والمؤيدة للحوثيين بيانًا ذكرت فيه تفاصيل الهجوم، مع التأكيد على محاولاتهم التسبب بأضرار اقتصادية في بلد العدو، المملكة العربية السعودية. عبر الحديث عن هجوم الحوثيين على خطوط الأنابيب على اعتباره عملًا من أعمال العدوان المباشر وانتهاكًا للقانون الدولي؛ برّر التحالف السعودي الغارات الجوية على أنحاء العاصمة صنعاء بالادّعاء أن هدفها هو “تحييد قدرة ميليشيات الحوثيين على تنفيذ أعمال العدوان.”
على نحو يناقض الرواية السعودية، أكدت جماعة أنصار الله على براءة ضحايا هجوم 16 مايو في بيانٍ أصدرته إضافة إلى تقرير فيديو. في بيانهم حول الهجوم، ذكر أنصار الله اسم رئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين وعائلته من بين المصابين في الهجوم، إضافة إلى مقتل ابنه. تدّعي الجماعة أن الهجوم كان محاولة لإسكات أصوات الشعب اليمني وتؤكد على التزام وسائل الإعلام اليمنية بمواصلة نقل معاناة شعبها.
علاوة على ذلك ، نشرت منظمة أطباء بلا حدود تصريحًا على تويتر ، أشارت فيه إلى تدفّق الضحايا إلى مستشفياتهم (48 مصابًا و 4 قتلى) نتيجة الغارات الجوية في 16 مايو. كما ذكرت التقارير التي نشرتها قناة روسيا اليوم RT و فرانس 24 أن الغارات الجوية التي قادها التحالف السعودي كانت ردّ فعل على لهجمات الحوثيين على أنابيب النفط السعودية.
خاتمة
اعتمادًا على الوثائق التي تم التحقق منها في هذا التقرير، يمكن للأرشيف اليمني أن يخلص إلى أنه في يوم 16 مايو 2019، حوالي الساعة 08:16 بالتوقيت المحلي لمدينة صنعاء؛ نُفّذت غارة جوية على مبنى سكني في حي الرقاص، صنعاء، مما تسبّب في مقتل 6 مدنييّن، من بينهم 4 أطفال، فضلاً عن إصابة 33 مدنياً على الأقل. ألحق الهجوم أضرارًا بالغة بالمبنى المستهدَف وكذلك بمدرسة ومبانٍ سكنيّة مجاورة. عُقب الحادثة؛ نُشرت روايات مختلفة حولها. إذ وقع هذا الهجوم بعد فترةٍ وجيزة من إصابة قوات الحوثي خطّي أنابيب نفط لأرامكو في المملكة العربية السعودية بطائرات دون طيار. بعد وقت قصير من هجوم الحوثيين؛ ادعت المملكة أن غاراتٍ جويّة على صنعاء كانت ضرورية لتحييد عدوان الحوثيين. يدعي أنصار الله أن الهجمات التي قادها السعوديون على صنعاء كانت هجومًا على حرية اليمن ومحاولة لإسكات اليمنيّين. على الرغم من الافتقار إلى مصادر مفتوحة تدلّ على الاسلحة المستخدمة في الهجوم على حيّ الرقاص؛ فمن المُرجّح، بالنظر إلى تصريحات المملكة العربية السعودية حول إحالة إحدى نتائج العمليات في اليوم ذاته لفريق مشترك لتقييم الحوادث للنظر باحتمالية وجود خسائر مدنيين، فإنّ التحالف العربي الذي تقوده السعودية مسؤولًا عن الهجوم.